الإنسان عندما يتوتر ويمر بأوقات عصيبة يفقد القدرة علي اتخاذ القرارات الصائبة في حينها, و الذي لا يعرفه الكثير ــ رغم أنه ثابت منذ زمن بعيد في علم وظائف الأعضاء ــ أن الضعف الجنسي أو عدم انتظام العلاقة الحميمية بين الأزواج يتسبب في اضطراب في الدورتين الهرمونية والدموية مما يؤثر بطريق غير مباشر علي اتخاذ القرارات الصائبة.
وذكرت الدكتورة هبة قطب دكتوراة الطب الجنسي والعلاقات الزوجية وأستاذ مشارك وعضو مجلس حكماء بالأكاديمية الأمريكية للطب الجنسي في المؤتمر العلمي الذي عقد مؤخرًا بمشاركة الدكتور جين دين رئيس الجمعية العالمية للطب الجنسي أن الدليل علي ذلك أن الأشخاص الذين يتعرضون لمواقف تسبب التوتر يفضلون عدم اتخاذ قرارات في حينها أو بعدها مباشرة, وهكذا بالنسبة للشخص غير المنتظم في علاقته الجنسية تكون لديه الدورة الهرمونية و الدموية مضطربة.
وقالت الدكتورة قطب أنه بالنسبة الشخص المنتظم في علاقته فيتمتع بسكينة داخلية ويكون أكثر حلما وأقدر علي الحكم علي الأمور حل مشكلاته بطريقة أفضل بسبب إفراز الوسائط الهرمونية التي تتسبب في الهدوء النفسي كما يحدث عند ممارسة الرياضة,
وأوضحت أنه من المعلومات الشائعة الخاطئة عن العلاقة الحميمية بين الأزواج أنها تخضع للحالة المزاجية العامة لكليهما, كما يعتقد أنها مشروطة بصفاء الذهن ووجود رغبة ملحة تدفع أحدهما إلي طلبها من الآخر وحينذاك ربما يستجيب هذا الآخر وربما لا يستجيب, والاستجابة في أغلب الأحوال تكون مجرد إرضاء للطرف الراغب في العلاقة دون استحسان لحدوثها في هذا الوقت نظرا للحالة المزاجية التي قد تكون مضطربة, وهذا ينتقص من استمتاع الطرفين.
أما في حالة عدم الاستجابة فهذا يزيد الطين بلة, حيث إن الطرف الذي كان لديه بقايا رغبة ونجح في تخطي حالته النفسية السيئة أو قلقه أو اضطرابه, يصاب بإحباط وحرج شديدين – خصوصا إذا كانت هي الزوجة- مما يؤثر سلبا علي الحالة النفسية وعلي الرغبة المستقبلية وبالأخص في مسألة الإفصاح عنها للزوج أو الزوجة.
هذا هو الحال الكائن لصورة العلاقة بين الغالبية العظمي من الأزواج والزوجات في ظل التوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحالية.. ويرجع ذلك لعدم فهم حقيقي لفلسفة العلاقة الحميمية, والتي هي أسفنجة ماصة لجميع الانفعالات الإنسانية والتي يمكن أن تنقذ الإنسان من الوقوع في براثن الأمراض النفسية مثل الاكتئاب بأنواعه أو الأمراض العضوية مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم وزيادة الدهون الضارة والتي قد تتسبب في تصلب الشرايين وما يستتبع ذلك من انخفاض مستوي الأداء الحيوي بشكل عام والذهني بشكل خاص والذي يتمثل في القدرة علي حمل المسئوليات ومواجهة الصعاب وحل المشكلات.
وتفادي هذه المخاطر لا يتوافر إلا فيمن هو منتظم في العلاقة الحميمية ومستمتع بها, ومن هو منتظم في أداء التمارين الرياضية, حيث يجمعهما انتظام الدورة الدموية واتساع الأوعية الدموية الطرفية وإفراز الوسائط الهرمونية التي تضفي حالة من السكون والرضا النفسيين, وتتفوق في هذه النقطة الأخيرة العلاقة الحميمية علي ممارسة الرياضة مما يؤمن الهدوء الذهني والاستقرار النفسي لكلا الزوجين لانسيابية الدورة الهرمونية وانتظام إفراز الوسائط الكيميائية في الجهاز العصبي. فإذا علمنا أن مرض الاكتئاب ينتج عن ارتباك عمل تلك الوسائط لعرفنا الفارق النفسي الذي يصنعه انتظام العلاقة, وأن المراحل المختلفة للدورة الجنسية تستهلك حوالي 400 سعر حراري في الممارسة الواحدة, وأنها تتسبب في تنشيط كبير للدورة الدموية الطرفية, لأدركنا سبب مساهمة العلاقة الحميمية في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكر..