تخطى إلى المحتوى

مشاعر المراهقة.. هل هي حب حقيقي؟

    مرحلة المراهقة من المراحل الحساسة التي تختلط فيها المشاعر، ويتصور المراهقون أن أية مشاعر تنتابهم في هذه السن سواء تجاه فتاة جميلة أو شاب وسيم هي الحب بعينه، لكن الأبحاث العلمية ترى عكس ذلك، حيث تبين أن المراهق كثيرا ما يختلط عليه الحب بالإعجاب.

    العديد من الأبحاث تشير إلى أن الرجال والنساء لا يمكنهم إدراك معنى الحب بمعناه الحقيقي، إلا بعد بلوغهم سن الخامسة والعشرين، أما ما يشعرون به قبل هذا السن فهو مجرد إعجاب أو رغبة في ممارسة الجنس أو تصرف للفت النظر.

     ووجدت دراسة جديدة أن المراهقين يتعلمون الوقوع في الحب عندما تتطوّر خلايا محددة في أدمغتهم خلال فترة البلوغ ما يساعدهم على المغازلة وإيجاد الحبيب.

     وكشف باحثون من جامعة “ميشيغان” أن أدمغة الثدييات تطوّر خلايا جديدة في منطقة اللوزة خلال فترة المراهقة، وهذه المنطقة تلعب دوراً أساسياً في عملية معالجة المشاعر.

     ومن أجل اختبار هذه الفكرة، حقن الباحثون ذكور الفئران بمادة كيميائية تظهر الخلايا الجديدة خلال البلوغ. وعندما بلغت الفئران، سمح لها الباحثون بالتفاعل والتزاوج مع الإناث.

     وراقب العلماء فوراً أدمغة الفئران بعد التلاقي، ووجدوا أن خلايا جديدة نمت خلال فترة البلوغ في منطقة اللوزة ومناطق مرتبطة أخرى.

     وكانت دراسة برازيلية مختصة في الشؤون الاجتماعية والأسرية قد بينت أن مفهوم الحب عند المراهقين يعني بشكل رئيسي الرغبة في ممارسة الجنس، فإذا ما رغب مراهق في المعاشرة الجنسية فإنه يعتقد أنه وقع في حب الشخص الذي أثار اهتمامه وإعجابه، مع فارق أن الأنثى لا تفكر في الجنس أولاً، وهو يأتي في المقام الثاني بعد المشاعر الرومانسية.

     ويقع الكثير من المراهقين في فخ الولع الشديد بالآخر، حتى يصل الأمر إلى حد مرضي ربما يشكل خطراً على الصحة النفسية والجسدية للمراهق، وأكدت الدراسة أن “الفتيات المراهقات يقعن ضحية الولع بمراهق جميل المظهر، ولذلك فإن ضحايا الولع بالآخر هن المراهقات، لأن المراهقة تبني أحلاماً كثيرة حول الشاب الذي أحبته، وتتصوره فارس الأحلام على حصان أبيض”. ومن المشاكل الشائعة جداً في صفوف المراهقين أن الفتيات المراهقات يشعرن بالميل إلى بعض الشباب إلى درجة أنهن يقنعن أنفسهن بأنهن يحببنهم، ولكن أؤلئك الشباب لا يبادلونهن نفس الشعور.

     وبينت الدراسة أن المراهقين من الذكور يتمتعون بحرية أكبر من حيث إقامة العلاقات مع الفتيات، بينما توجد قيود اجتماعية كثيرة تحد من حرية المراهقة، ولذلك فهي تقع في غرام شاب، ربما يكون على علاقة مع أكثر من فتاة، فتشعر أن حبها من جانب واحد فقط، ويعتبر هذا بمثابة عذاب كبير بالنسبة إليها.

     والشعور بالغيرة يوجد بشكل مكثف عند المراهقين والمراهقات على حد سواء، وغالباً ما تكون هذه الغيرة غير مبررة ونتاج خيال خصب حول الجنس، وتعتبر الغيرة المشكلة التي تأخذ أبعاداً خطيرة بين صفوف المراهقين، بحيث قد تؤدي أحيانا إلى ارتكاب جرائم. تؤكد المتخصصة النفسية ستيفان كليرجيه، مؤلفة كتاب “المراهقون والأزمة الضرورية” الصادر عن دار مارابو الفرنسية، أن مرحلة المراهقة مهمة في حياة الإنسان رغم أنها تختلف من فرد إلى آخر وترى أنه إذا كانت صحة الطفل جيدة ولديه أصدقاء ويحب اللعب والذهاب إلى المدرسة فسيكون مهيئاً بصورة أفضل لخوض إشكالات هذه السن، ولكن لن يكون بمقدوره الإفلات منها، فالتغيرات الطارئة على جسده واكتشافه الحياة الجنسية واكتسابه رؤى جديدة حول العالم، كل هذه المسائل لا يمكن أن يمر بها من دون التعرض لأي اضطرابات، فبعض المراهقين يعبرون عنها بصورة قوية والبعض الآخر يعيشونها على نحو رتيب، أو يتبنون أسلوب حوار عدواني، يحاولون من خلاله أن يثبتوا مقدرتهم على التخلص من سلطة آبائهم.

     وأشارت الباحثة إلى أن خلط المراهق بين عدة مشاعر أمر غير مقلق إذا ما عرف الآباء كيفية التعامل مع هذه المسألة وكفوا عن معاملة أبنائهم المراهقين على أنهم اطفال صغار.